تسعى المنظمات والشركات إلى صياغة استراتيجيات فعالة لتحقيق الاستدامة من خلال استخدام التخطيط الاستراتيجى. ولتحقيق ذلك يحتاج المديرين والقادة إلى تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة لفهم مدى التأثير التى تؤثر به البيئة على المنظمة وأيضا مدى تأثير العوامل الداخلية على المنظمة، حتى يستطيع المديرين والقادة اتخاذ القرارات السليمة لتعزيز مكانتها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. يعتمد التحليل الاستراتيجي على مجموعة من الأدوات التي تساعد الإدارة على تحديد العوامل والمؤثرات والفرص والتهديدات وكذلك نقاط القوة والضعف الداخلية. وسوف نتناول فى هذا المقال تعريف التحليل الاستراتيجي، أهميته، وأدواته المستخدمة لتقييم البيئة الداخلية والخارجية للمنظمات.
تعريف التحليل الاستراتيجي
التحليل الاستراتيجي هو عملية منهجية تهدف إلى فهم البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة لتحديد العوامل التي تؤثر على نجاحها أو تعيق تحقيق أهدافها. يركز التحليل الاستراتيجي على جمع وتحليل البيانات المتعلقة بموارد المنظمة، بنيتها التحتية، بيئتها التنافسية، والعوامل الخارجية الأخرى مثل الظروف الاقتصادية، الاجتماعية، والتكنولوجية. هذه المعلومات تساعد الإدارة العليا في صياغة الاستراتيجيات التي تضمن تحقيق أفضل النتائج. ويعتبر الهدف الرئيسي من التحليل الاستراتيجي هو مساعدة المنظمات على اتخاذ قرارات مستنيرة تساهم في تعزيز قدرتها التنافسية وضمان استدامتها في السوق. وبذلك، يصبح التحليل الاستراتيجي أداة حيوية للمديرين والقادة في توجيه المنظمة نحو النجاح.
أهمية التحليل الاستراتيجي
تكمن أهمية التحليل الاستراتيجي في قدرته على توفير صورة واضحة وشاملة عن الوضع الحالي للمنظمة والعوامل المحيطة بها. فمن خلال التحليل الاستراتيجي، يمكن للمنظمات تحديد الفرص التي يمكن استغلالها لتحقيق النمو، وكذلك التهديدات التي يجب تجنبها أو التعامل معها بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، يساعد التحليل في الكشف عن نقاط القوة التي يمكن تعزيزها أو نقاط الضعف التي تحتاج إلى معالجة لتحسين أداء المنظمة.
من الجوانب الأساسية لأهمية التحليل الاستراتيجي:
- تحديد الأهداف بدقة: يساعد التحليل الاستراتيجي الإدارة في تحديد أهداف المنظمة بناءً على الوضع الراهن والمستقبلي.
- الاستجابة للتغيرات في البيئة: يساهم في تحسين قدرة المنظمة على التكيف وامتلاك المرونة مع التغيرات المستمرة في البيئة الخارجية.
- تعزيز الكفاءة والفعالية: يضمن اتخاذ قرارات مبنية على تحليل معمق وبيانات دقيقة، مما يعزز من كفاءة المنظمة وفعاليتها.
- تحقيق ميزة تنافسية: من خلال فهم عوامل النجاح الحرجة واستغلال الفرص المتاحة، يمكن للمنظمات أن تكتسب ميزة تنافسية.
أدوات التحليل الاستراتيجي للبيئة الداخلية
تعتبر البيئة الداخلية للمنظمة هى مجموع الموارد سواء البشرية والمادية والبنية التحتية، والعوامل، والعمليات والتفاعلات فيما بينها، والتى تقع تحت سيطرة المنظمة. ومن ضمن العوامل التي تقع تحت سيطرة المنظمة مثل القدرات، الهيكل التنظيمي، الثقافة المؤسسية، وأنظمة التشغيل. وتحليل هذه البيئة يساعد المنظمة على فهم نقاط قوتها التي يمكن استغلالها، وكذلك نقاط ضعفها التي تحتاج إلى التحسين. ونستعرض فيما يلى المنهجيات الأكثر شيوعا لتحليل البيئة الداخلية.
1. تحليل نقاط القوة، الضعف، الفرص، التهديدات (SWOT Analysis)
تحليل SWOT هو أداة تحليل استراتيجي شاملة تستخدم لتقييم الوضع الداخلي والخارجي للمنظمة. ويتكون من أربعة عناصر اثنان منهم مرتبطين بالبيئة الداخلية للمنظمة واثنين اخرين مرتبطين بالبيئة الخارجية للمنظمة كما يلى:
- نقاط القوة “Strengths“: هىالقدرات الداخلية التي تمنح المنظمة ميزة تنافسية أو نقطة قوة، مثل التكنولوجيا المتقدمة أو الفريق المؤهل أو السيولة المالية الكبيرة أو سمعة المنظمة الجيدة.
- نقاط الضعف “Weaknesses“: هىالعوامل والمؤثرات الداخلية التي تعيق أداء المنظمة، مثل ضعف الهيكل التنظيمي أو نقص المهارات أو قلة العمالة.
- الفرص “Opportunities“: هى العوامل الخارجية التى تقع خارج المنظمة والتي يمكن للمنظمة استغلالها لتحقيق النمو مثل الاتفاقيات التجارية بين الدول أو تسهيلات مقدمة للتصدير للخارج.
- التهديدات “Threats“: هى المخاطر التي تواجهها المنظمة من البيئة الخارجية مثل المنافسة الشديدة أو التقلبات الاقتصادية أو الأزمات السياسية والاقتصادية.
2. التحليل الداخلي للموارد والقدرات (Resource-Based View – RBV)
يتضمن هذا التحليل تقييم الموارد المتاحة لدى المنظمة مثل الموارد المالية، البشرية، والتكنولوجية. يُمكن هذا التحليل المنظمة من تحديد ما إذا كانت تمتلك الموارد الكافية لتحقيق استراتيجياتها، وما إذا كانت هناك حاجة لتعزيز تلك الموارد.
3. تحليل سلسلة القيمة (Value Chain Analysis)
يهدف هذا التحليل إلى فهم الأنشطة التي تضيف قيمة للمنتجات أو الخدمات التي تقدمها المنظمة. من خلال هذا التحليل يتم تقسيم أنشطة المنظمة وتحليل كل نشاط بناءا على معيار القيمة التى يحققها للعملاء، حيث يمكن تحديد الأنشطة التي تحقق أكبر قيمة للعملاء والأنشطة التي تحتاج إلى تحسين والأنشطة التى ليس بها إضافة.
أدوات التحليل الاستراتيجي للبيئة الخارجية
تتضمن البيئة الخارجية جميع العوامل التي تؤثر على المنظمة من خارجها، مثل العوامل الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، التكنولوجية، والقانونية. هذه العوامل يكون لها تأثير كبير على المنظمات تصل أحيانا إلى إعاقة المنظمات عن تحقيق أهدافها. لذلك تحليل هذه البيئة يمكن الإدارة من فهم الديناميكيات التي قد تؤثر على نجاح المنظمة والتعامل معها بمرونة. ونستعرض المنهجيات الخاصة بتحليل تلك البيئة.
1. تحليل العوامل السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، التكنولوجية، البيئية، والقانونية (PESTEL)
يعد تحليل PESTEL أحد أهم الأدوات لتحليل البيئة الخارجية. حيث يركز على ستة عوامل رئيسية:
- العوامل السياسية “Political“: هى العوامل المتعلقة بالقوانين والسياسات الحكومية سواء الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي قد تؤثر على المنظمة.
- العوامل الاقتصادية “Economical“: هى العوامل المرتبطة بالعوامل الاقتصادية مثل النمو الاقتصادي، معدلات الفائدة، والتضخم.
- العوامل الاجتماعية “Social“: هى العوامل المرتبطة بالاتجاهات الاجتماعية للمجتمع مثل التركيبة السكانية، عدد الذكور والاناث، نسبة كبار السم وصغار السن، القيم الثقافية والاجتماعية، مستوى التعليم، مستويات الرفاهية.
- العوامل التكنولوجية “Technological“: تشمل تلك العوامل الابتكارات والتطورات التكنولوجية التي يمكن أن تؤثر على الصناعة مثل وسائل التواصل الاجتماعى، الذكاء الاصطناعى.
- العوامل البيئية “Environmental“: هى العوامل المرتبطة بتحليل العوامل البيئية مثل التغير المناخي واللوائح البيئية.
- العوامل القانونية “Legal“: تشمل القوانين واللوائح التي تحكم عمل المنظمة وتؤثر عليها.
2. تحليل القوى الخمس لـبورتر (Porter’s Five Forces Analysis)
يعد هذا التحليل من أشهر الأدوات المستخدمة لتقييم البيئة التنافسية للمنظمة. يعتمد على تحليل خمس قوى رئيسية:
- قوة التهديدات من المنافسين الجدد: يعتمد هذا العامل علىتقييم مدى سهولة دخول منافسين جدد للسوق والذى يؤثر بالتأكيد على موقف المنظمة بالسوق.
- قوة التفاوض لدى الموردين: يعتمد هذا على قدرة الموردين على التأثير في الأسعار.
- قوة التفاوض لدى العملاء: يعتمد هذا العامل على قدرة العملاء على التأثير في الأسعار وجودة المنتجات.
- تهديد المنتجات البديلة: يعتمد على احتمالية وجود منتجات أو خدمات بديلة تؤثر على الطلب على منتج أو خدمة المنظمة
- شدة المنافسة بين المنافسين الحاليين: يرتبط هذا العامل بمستوى التنافس داخل الصناعة ومدى تأثيرها.
3. تحليل القوى الدافعة (Driving Forces Analysis)
يركز هذا التحليل على تحديد العوامل التي تحرك التغيير في الصناعة أو السوق الذي تعمل فيه المنظمة. يمكن أن تشمل هذه العوامل التغيرات التكنولوجية أو التحولات في سلوك المستهلكين.
أهمية تكامل التحليل الداخلي والخارجي
التكامل بين التحليل الداخلي والخارجي يمكن المنظمات من بناء استراتيجيات قوية تأخذ في الاعتبار كافة العوامل المؤثرة. يساعد هذا التكامل في تحديد الفرص التي يمكن استغلالها بشكل فعال باستخدام الموارد الداخلية، وكذلك التهديدات التي يمكن التعامل معها من خلال تعزيز نقاط القوة الداخلية.
عند دمج نتائج التحليل الداخلي مع التحليل الخارجي، يمكن للمنظمات تطوير استراتيجيات مبتكرة تحقق التميز التنافسي وتساهم في تحقيق النجاح على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، يساعد هذا التكامل في تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين والتطور، وبالتالي تعزيز الكفاءة التشغيلية وتحقيق النمو المستدام.
الخاتمة
في ختام هذا المقال، يمكن القول أن التحليل الاستراتيجي للبيئة الداخلية والخارجية يعد جزءًا أساسيًا من عملية التخطيط الاستراتيجي في المنظمات. من خلال استخدام الأدوات المناسبة، يمكن للمنظمات تقييم العوامل المؤثرة على أدائها واتخاذ قرارات استراتيجية تحقق النجاح على المدى الطويل. التحليل الاستراتيجي ليس مجرد أداة، بل هو عملية مستمرة تساعد في توجيه المنظمة نحو تحقيق أهدافها في بيئة متغيرة ومعقدة.
اقرأ أيضا:
المصادر
- Johnson, G., Scholes, K., & Whittington, R. (2008). Exploring Corporate Strategy. Pearson Education.
- Porter, M. (1979). How Competitive Forces Shape Strategy. Harvard Business Review.
- PESTLE Analysis. (2023). What is PESTEL Analysis? [Online] Available at: https://pestleanalysis.com/what-is-pestel-
- Lynch, R. (2018). Strategic Management. Pearson.
تعليق واحد
تنبيه: الذكاء العاطفي: كيف تحقق أهدافك من خلاله - إدارة بالعربي