تعتبر المراقبة والتقييم من العناصر الأساسية في إدارة المشاريع والبرامج، حيث تسهمان في تحسين الأداء وضمان تحقيق الأهداف المرجوة يتطلب هذا المجال فهماً عميقاً لمفاهيم المراقبة والتقييم، حيث أن المراقبة والتقييم عملية منهجية تجمع البيانات وتحليلها لتقييم مدى تحقيق الأهداف المحددة مسبقًا، بالإضافة إلى القدرة على تطبيق المنهجيات المناسبة. ويهدف هذا المقال إلى توضيح مفهوم المراقبة والتقييم، وأهميتهما، والمنهجيات والأساليب المستخدمة حتى تتم عملية المراقبة والتقييم بشكل فعال وهنا نأتى أولا على التعريف الخاص بكلا من المراقبة والتقييم.

المراقبة “Monitoring”

عملية جمع وتحليل البيانات بشكل مستمر ومنتظم لمتابعة تقدم الأنشطة والمشاريع. وتهدف إلى ضمان سير العمل كما هو مخطط له، وتحديد أي انحرافات قد تحدث. تشمل المراقبة قياس الأداء مقارنة بالأهداف المحددة سلفاً وتقديم التقارير حول التقدم المحرز.

التقييم “Evaluation”

عملية تقييم منهجية وتحليلية وموضوعية تتم بعد فترة ما مثل الانتهاء من المشروع أو البرنامج أو فترة زمنية محددة. تهدف إلى قياس مدى تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة، وتحديد العوامل التي ساهمت في النجاح أو الفشل. يمكن أن يكون التقييم كميًا أو نوعيًا، وغالبًا ما يعتمد على أدوات جمع البيانات مثل الاستبيانات والمقابلات. وينقسم التقييم إلى نوعين:-

تقييم الأداء “Performance Evaluation”: عملية منظمة لتقدير وتقييم النتائج وجودة الخدمات المقدمة لمشروع معين أو برنامج لمعرفة مدى التقدم المحرز، ويتم قياس الأداء بناءا على المعلومات التى يتم جمعها بانتظام من خلال المراقبة للمشروع و البرنامج.

تقييم الأثر “Impact Evaluation”: يهدف تقييم الأثر إلى قياس مدى التأثير نتاتج المشروع والبرنامج على المستهدفين من المشروع أو البرنامج حتى يتم تقييم مدى تحقيق المشروع والبرنامج لأهدافهم.

وقبل التعرف على منهجيات المراقبة والتقييم نأتى أولا على معرفة أهمية عملبتى المراقبة والتقييم. 

أهمية المراقبة والتقييم

تتجلى أهمية المراقبة والتقييم في عدة جوانب:

1. تحسين الأداء: تتيح المراقبة التحقق من التقدم المحرز وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين.

2. تحسين اتخاذ القرارات: يوفر التقييم بيانات موثوقة تساعد المديرين وصناع القرار على اتخاذ قرارات مستنيرة حول التعديلات المطلوبة.

3. تعزيز المساءلة: من خلال توفير تقارير دقيقة حول الأداء، تساهم المراقبة والتقييم في تعزيز الشفافية والمساءلة أمام الجهات المعنية.

4. تعلم الدروس: تتيح عمليات التقييم التعلم من النجاحات والإخفاقات، مما يسهم في تحسين التخطيط للمشاريع المستقبلية.

5. تخصيص الموارد: تساعد المعلومات المستمدة من المراقبة والتقييم في تخصيص الموارد بشكل أكثر فعالية، مما يضمن تحقيق أقصى قدر من الفوائد.

ننتقل بعد ذلك إلى التعرف على منهجيات التمراقبة والتقييم وأساليب التطبيق

    منهجيات المراقبة والتقييم

    هناك العديد من المنهجيات المستخدمة في المراقبة والتقييم، والتي يمكن تصنيفها إلى فئات رئيسية:

    المنهج الكمي: يعتمد على البيانات الرقمية والقياسات الكمية. حيث يتم الاستدلال بالأرقام فى القياس من خلال وضع مقياس رقمى لكل معيار مثل مقياس (1 إلى 5). وهذا المنهج يتضمن استخدام الاستبيانات، والمقاييس، والاختبارات. تعتبر هذه المنهجية مناسبة عندما يكون الهدف هو قياس النتائج بشكل دقيق.

    المنهج النوعي:: يركز على القياس الغير كمى مثل الفهم العميق للتجارب والمشاعر واراء الناس. يستخدم المقابلات، ومجموعات التركيز، والملاحظات. تُعتبر هذه المنهجية مفيدة لفهم السياقات الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على الأداء.

    المنهج المختلط: يجمع بين المنهجين الكمي والنوعي. يمكن أن يوفر رؤى شاملة من خلال دمج البيانات الرقمية مع التحليلات النوعية.

    أساليب تطبيق المراقبة والتقييم

    تتضمن أساليب المراقبة والتقييم عدة خطوات، منها:

    1.تحديد الأهداف: يجب أن يكون هناك أهداف موضوعة وتكون واضحة وقابلة للقياس حتى يمكن القياس.

    2.تطوير مؤشرات الأداء: يجب وضع مؤشر واضح لقياس الأداء ويشمل ذلك إنشاء مقاييس لقياس التقدم والأداء مثل (نسبة زيادة المبيعات أو نسبة التحاق المشتركين بالبرنامج). وأيضا يجب أن تكون المؤشرات ذات صلة بالأهداف وأن تُحدد بوضوح.

    3.جمع البيانات: يتضمن ذلك استخدام الأساليب المناسبة لجمع المعلومات، مثل الاستبيانات والمقابلات والتقارير.

    4.تحليل البيانات: يتم فحص وتحليل البيانات المجمعة لتحديد مدى تحقيق الأهداف وتقييم الأداء.

    5.إعداد التقارير: تتضمن توثيق النتائج والتوصيات بشكل منظم حيث يمكن للجهات المعنية فهمه بسهولة.

    6.تنفيذ التوصيات: يتضمن ذلك اتخاذ الإجراءات المناسبة بناءً على نتائج التقييم لتحسين الأداء في المستقبل.

    من خلال ما سبق نستطيع أن نعرض أمثلة تطبيقية للمراقبة والتقييم فى المشروعات والبرامج كما يلى:-

    أمثلة تطبيقية

    برنامج تعليم محو الأمية: في هذا البرنامج لمحو الأمية، قد تشمل المراقبة جمع البيانات حول عدد المشاركين الذين اجتازوا الاختبارات وعدد الحاضرين للبرنامج، بينما يركز التقييم على قياس مدى تحسين مهارات القراءة والكتابة.

    مشروع صحي: في المشروع الصحي، يمكن استخدام المراقبة لتتبع عدد اللقاحات المقدمة، والفئات التى تلقت اللقاح ومناطق التوزيع،  في حين يمكن أن يتضمن التقييم قياس تأثير برنامج اللقاحات على نسب معدلات المرض في المجتمع.

    مصنع انتاجى: في المصنع، يمكن مراقبة كمية الانتاج اليومى ونسبة المنتج المطابق والمرفوض وعدد العاملين على خط الانتاج، بينما يركز التقييم على جودة المنتج المطابق، مدى تحقيق المستهدف الانتاجى، نسبة رضاء العملاء عن المنتج.

    قسم الصيانة: داخل قسم الصيانة بأحد الشركات، يمكن استخدام المراقبة فى عدد الأعطال والصيانات المفاجئة، مدة التوقف للصيانات، نسبة قطع الغيار المستبدلة، أما التقييم يمكن من خلال مدى تأثير الصيانة على توقف الانتاج، نسبة الصيانات التى لم تؤدى إلى أعطال مرة أخرى، مدى تُأثير الصيانات الوقائية على الحد من الأعطال المفاجئة.    

        تعتبر المراقبة والتقييم أدوات حيوية لضمان نجاح المشاريع والبرامج. من خلال فهم تعريفهما وأهميتهما، وتطبيق المنهجيات والأساليب المناسبة، يمكن تحسين الأداء وتحقيق الأهداف بشكل أكثر فعالية. إن تعلم الدروس المستفادة من التجارب السابقة يمكن أن يسهم في تحسين التخطيط والتنفيذ في المستقبل، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج إيجابية ومستدامة.

        المصادر

        1. البنك الدولي (World Bank)

        Performance Monitoring Indicators Handbook:رابط التحميل المباشر

        Evaluating Development Effectiveness: صفحة الموارد التقييمية للبنك الدولي

        2. USAID’s Learning Lab

        الموارد الخاصة بالمراقبة والتقييم: زيارة موقع Learning Lab

        دليل بناء أنظمة مراقبة وتقييم المشاريع: USAID Monitoring Toolkit

        3. UNICEF’s Evaluation and Research Database

        قاعدة بيانات التقييم والأبحاث لمنظمة اليونيسيف: زيارة الموقع

        4. Better Evaluation

        أدوات ومصادر لممارسي المراقبة والتقييم: BetterEvaluation.org

        شاركها.

        استشارى ومراجع متخصص فى نظم الجودة والإدارة، حاصل على ماجستير إدارة الأعمال فى مجال إدارة سلاسل الإمداد من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، قام بإنشاء وتطبيق العديد من نظم الإدارة بالشركات طبقا للمواصفات المختلفة، وتدريب العديد من الشركات والمؤسسات على نظم الإدارة المختلفة، كما شارك فى تأسيس العديد من المشروعات التنموية الغير هادفة للربح.

        اترك تعليقاً